الخميس، 14 يوليو 2016

وداعاً محمد شمسي ..بقلم أمين جياد 1996













..لم يكن وحدهُ في الطريق,معذباً ,ومحباً ,بل كانَ يشغل كتفيهِ وعينيهِ ويثقلهما كتابة الشعر والرواية , 
وكان أول لقائي يحمل عنوان " ألف ميل بين الغابات " و"دم الشجر الساحلي " وتوطدت علاقتنا في " أرض ساخنة" و"كوميديا الزواحف " و"سارق النار" ,وكنتُ أراه ويراه غيري مبتسماً وحنوناً تشوبهُ نظرة حزن للأشياء ,وكانت كتبه تتنقل بين أيدينا وبخاصةً كتابهُ الذي أثارَ ضجةً كبيرة بين المثقفين وهو "الف ميل بين الغابات " , فلقد كانَ كتاب رحالة عاش تجربته في غابات أفريقيا حيث كان يدرس هناك , وكانت مغامراته شيئاً جديداً يدخل وسطنا الأدبي , فلإنهُ شاعر فقد كان يقترب من كبار تجارب الأدباء العالميين وأحب تجاربهم ويذكرهم في كل مرة يجتمع مع أصدقاءه الأدباء ,حينما تضمهم جلسة حميمية ساهرة ,ونادراً مانجده يخالف رأياً حد القطيعة , بل يوضح ويشير ويهز برأسهِ مؤيداً , ولشد ما تتقاطع كفاه حينما يجد من يؤيد رأيه ’ فيطلق ضحكته المدوية ثم ينتقل بحدثهِ الى مواضيع أخرى وتلك حالة عرفناها عنده فهو مثقف متشعب الروافد , وقاريء ذكي تمتد تجربته الأدبية منذ الستينات , وله مواقف وطرائف مع عدد من الأدباء , فلا أحد يكرهه ,قريب الى النفس وتخاله يعرفك وتعرفه منذ عشرات السنين , 
وأذكر ان اول كتاب أهداني إياه كان ديوان شعر "دم الشجر الساحلي" وتبعه بكتاب رحلتهِ "الف ميل بين الغابات" ولشد إعجابي بالكتاب الأخير طلبت منه أن يرسل نسخاً الى بعقوبة لغرض بيعها الى الأدباء وكان ذلكَ في عام 1974.


..وكانت له عشرات الكتب والسيناريوهات للأطفال وظل مخلصاً للكتابة للطفل , لإنهُ يحس ويدرك إن الكتابة للطفل هو عالمه الآخاذ المليء بالأسرار والمغامرات والخيال .


.محمد شمسي "المطلبي" هكذا كان الى أن رحل عنا يوم 26/أبريل/1996يحبه الجميع ,عمل معنا في مجلة "الف باء" فترة من الزمن وكان لديهِ مشروع بعد ذلك هو تأسيس دار نشر تهتم بالأدب بدءاً بكراريس للأطفال والقصص المترجمة وإنتهاءاً بمشروع طبع الكتب داخل العراق وخارجه ,لكن الزمن لم يمهله كثيراً فلقد كان الموت أسبق من أن يحقق حلمه الذي بناه كلمةً كلمة ومشروعاً بعد مشروع , وهكذا إفتقدناكَ أخاً وصديقاً نبيلاً رائعاً.  

..نعم ..لم تكن وحدكَ في الطريق ,فأصدقاؤكَ نحن سنظل نذكركَ لأن مرضكَ أقوى منا , وبسبب الحصار الظالم لم تستطع الحصول على الدواء , ولاحتى قُدر لكَ أن تسافر الى الخارج لإجراء عملية جراحية تخفف ولو شيئاً بسيطاً من مرضكَ لكنها إرادة الله أقوى من كل إرادة , وما العواقب التي صادفتكَ أخيراً سوى أن تبقيكَ بيننا , وتموت هنا بين أهلكَ وأصدقائكَ ..
فــوداعاً يا أخي محمد ..وداعاً 









الأربعاء 
15/مايو/1996
أمين جياد 
مجلة الف باء 
_________________

للأمانة الأدبية

تمت الكتابة وحفظ المقال بواسطة 
باسمة السعيدي 
14/يوليو/2016 






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق