الشاعر الراحل محمد حسين المطلبي
منفردٌ هذا الشاعرُ في الروح المتسامية ِفي نسمات ٍالنهر المبتسم ِفي داخله دوامة أحزان مخفيه، والشعر ُ عراقي ُ الحزن ِ من عاش معه يتراءى سمحا ً وبشوشا ً حتى أن َّ كل قريب منه لم يحمل إلا أسرار وداعته والود المنهمرغيمة خلق ٍزخت في مشوار محبيه أشعة دفء ٍ للفرح الحالم بالآمال والحالم ُ بعراق ٍ حر ٍ وسلامٍ وآمان ٍ بين طوائفه..شاعرنا خاض مغامرة ً بين الغابات الأفريقيه..فأبدع سجلها ( ألف ميل بين الغابات)حين قرأت الديوان َ( دم الشجر الساحلي) فاجأني قيثار الحزن
والشاري للفرح ِ اللاموجودِ والنازف زمن الموت السائدِ في وطن المنفى:
{دم الشجر الساحلي}
(يقفلُ الحزن ُ بابه
فتعود الدموع صبايا الى سرر الظل
مشفقا ً أسأل الشجر الحجر الطحلب المر
: في كل قافلة ينثر الخوف
وفي كل مبغى لهُ جسدٌ يذرف الحب للسائلين)
الحزنُ الأزلي الشمولي المفتوح على بحر ٍ فطم السواحل..خلافا لمرأى الشاعر محمدحسين المطلبي في صفحات أيامه المألوفة قبل الرحيل خلافا لجدلية الحزن والأبتسامة لتي لم تمت أبدا ًبل سمت كحمامة بيضاء ترفرف في سماوات ذاكرتنا الجمعية
حين أقفل الحزن بابة: في أية رحبة ٍ أو سماءٍ لحياة جيلٍ قد خذلته فراسة الأحلام..تتحول الدموع الى صبايا في أراجيح الظل حيث الغياب أو الوجود المبعثر فوق مستوى الادراك الجمالي لكنه ضائعٌ بين مرايا الطبيعة التي تعكس كل شجرة وكل حجر وحتى مرارة الطلحب ذلك الأزلي الغائب الحاضر في كل قافلة محاولة عبور مخاضات الحزن والخوف بين ضفتي المجهول واللامجهول حتى أن أجساد المباغي هي الأخرى تنشر وتوزع الخوف والحزن ..هل كان يشعر في قيامة الرحيل مبكراً
( ففي كل صيف تساق الجراح المدماة من نضجها للقبور)
البيت يعيد القصيدة كجزء من صورتها الهولوغرافية إذ أن الجزء يعكس حركة الكل ويعيد التفاصيل بدقة غير مألوفة ..هل ورث الشعراء ُ المبدعون صمت الصحراء الحزينة الأطلال.. لن تجد شعرا ً عراقيا مبدعا إلا والحزن داجن لديه في أعماقه حتى وإن حاول أن يخفيها بمرح ٍ ما أخاله مصطنعاً
( ها هي الريح
فوق نافذتي تصعد
تحك بجلدها أنفي
ونجلسُ صامتةً تحت ذيل السرير
مثل قافية الباءمألوفة ً
مثل وجه الحبيب)
الريح خلافا ً للرياح الريح كائن حي :الطاقة السلبية أو السالبة والرياح الطاقة الإيجابية فتعبير القرآن الكريم للريح ( ريح صرصر عاتية) إن لم تحمل الموت والدمار فعلى الأقل تحمل الحزن الأزلي مثقلة بالوحشة والغربة حتى يكاد يشعر بها كقطة أليفة تحك جسدها بأنفه ثم تنساب الى ماوراء الأشياء تثير لديه تداعيات شتى فتقفز الوجوه البهية الحبيبة
( أمسِ حطت على قفا البيت ورقاء
بكت ......فبكيت
وتغنت أيها الشاعر ُ الغريب
ذقت ماء العراق
ودمي فيه برّ! الجنوب
فبكت ....فبكيت
ليتني أستطيع غير البكاء)
يتراءى لي الشاعر محمد حسين المطلبي وقد أغترف غواية الغربة في نيجيريا فتذكر العراق ودجلة وتحول الى نهر من حنين لم يقل ما قاله ابو فراس الحمداني عن ورقائه :( أيضحك ُ مأسورٌ وتبكي طليقة ٌ) إنما وحد البكاء الشاعر وورقائه ورأى العراق في الغربتين غربة الروح وغربة الوطن وتمنى أن يعثر على مصباح علاء الدين بدون جدوى
يمتاز إسلوب الشاعر ( محمد شمسي){ كنيته الفنية} بإسلوبه السهل الممتنع مستعينا بالرمز تارة وبالآستعارة في إنسابية مرهفة بعيد ا ًعن الحشو والخطابة والسرد النثري محافظا ً على الإيقاع الموسيقي الذي يحمله الى ضفة العنادل
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
له ديوانان : هما طوفان الشمس بالكلمات ، ودم الشجر الساحلي الذي تناولت منه قطرة من نهر صافي أوسع من المدى
كما إن له في أدب الرحلات والمغامرات :(ألف ميل بين الغابات )وكتاب (كوميديا الزواحف) وكتب للأطفال
عبد الوهاب المطلبي
15/يناير/2014
______________
للأمانة الأدبية
منقول من مركز النور
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق